الغنوشي وآخرون ضد الجمهورية التونسية (يملقعضرة ا 004 / 2023) [2023] AfCHPR 19 (28 أغسطس 2023)

الغنوشي وآخرون ضد الجمهورية التونسية (يملقعضرة ا 004 / 2023) [2023] AfCHPR 19 (28 أغسطس 2023)



AFRICAN UNION

UNION AFRICAINE



UNIÃO AFRICANA



AFRICAN COURT ON HUMAN AND PEOPLES’ RIGHTS

COUR AFRICAINE DES DROITS DE L’HOMME ET DES PEUPLES


قضية



معاذ الخريجي الغنوشي وآخرون

ضد



الجمهورية التونسية



العريضة رقم 004/2023

أمر

( التدابير المؤقتة)



28 أغسطس 2023



تشكّلت المحكمة من القضاة: إيماني د. عبود، الرئيسة، موديبو ساكو، نائب الرئيسة، بن كيوكو، سوزان منجي، توجيلان ر. تشيزوميلا، شفيقه بن صاوله، بليز تشيكايا، ستيلا أ. أنوكام، دوميسا ب. نتسبيزا، دينيس د. آدجي، وروبرت إينو رئيس القلم.



عملا بالمادة 22 من البروتوكول المنشئ للمحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (يُشار إليه فيما بعد ب«البروتوكول») والمادة 9(2) من النظام الداخلي للمحكمة (يشار إليه فيما بعد ب«النظام الداخلي»)، فإن القاضي رافع ابن عاشور عضو المحكمة والذي يحمل الجنسية التونسية تنحى أثناء نظر هذه العريضة.





للنظر في قضية



معاذ الخريجي الغنوشي، سعيدة العكرمي، إلياس الشواشي ، سيف الدين الفرجاني و سيف الدين بوزيان



يمثلهم

رودني توماس ديكسون ك س، Temple Garden Chambers



ضد



الجمهورية التونسية

ممثلة من طرف :

المكلّف العام بنزاعات الدولة



بعد المداولات

تُصدر الأمر التالي:

الأطراف

معاذ الخريجي الغنوشي، سعيدة العكرمي ، إلياس الشواسي، سيف الدين فرجاني وسيف الدين بوزيان (يُشار إليهم فرادى فيما بعد وعلى التوالي ب"المُدّعي الأول"، "المُدّعي الثاني"، "المُدّعي الثالث"، " المُدّعي الرابع"، و"المُدّعي الخامس" أو "المُدّعين" كجماعة). وهم ذووا المعتقلين راشد الغنوشي، نور الدين البحيري، غازي الشواشي، سيّد الفرجاني والمُتوفى رضا بوزيان في مظاهرات 14 يناير 2022 في الجمهورية التونسية. وقد أودعوا طلب التدابير الاستعجالية الماثل ملحقا لصحيفة الدعوى الرئيسية التي يدعون فيها انتهاك الدولة المُدّعى عليها لحقوقهم المصُونة في المواد 1، 2، 4، 5، 6، 7، 9، 10، 11، 13، 16 و 26 من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (يُشارُ إليه لاحقا ب "الميثاق") والمواد المناظرة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (يُشار إليه فبما بعد ب "العهد الدولي للحقوق المدنية "1) وذلك الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (يُشار إليه بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية").2

الدولة المُدّعى عليها هي الجمهورية التونسية (يشار إليها فيما يلي ب «الدولة المدّعى عليها»). وقد أصبحت طرفا في الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (يشار إليه فيما يلي ب «الميثاق») في 21 أكتوبر 1986. كما أصبحت طرفا في البروتوكول في 5 أكتوبر 2007. وأودعت الدولة المدّعى عليها في 2 يونيو 2017 لدى رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي الإعلان الوارد في المادة 34 (6) من البروتوكول القاضي بقبول اختصاص المحكمة لتلقي للدعاوى المرفوعة من الأفراد والمنظمات غير الحكومية.



موضوع الصحيفة الفاتحة للدعوى

يتضح من صحيفة الدعوى أن المدعين الأول والثاني والثالث والرابع هم ذووا السياسيين المعتقلين الأربعة على خلفية مزاعم ارتكاب جرائم مختلفة.3 والمدعي الخامس هو ابن سياسي معارض توفي خلال مظاهرة في بداية سنة 2022.4 ومع أنهُ طرف في العريضة الفاتحة للدعوى إلا أنه لم يتقدم بطلبات بشأن التدابير الاستعجالية.

يُضيف المُدّعون أنه بعد سلسلة من المراسيم الرئاسية الصادرة في الفترة من يوليو إلى أكتوبر 2021، عقبت قيام رئيس الجمهورية بحل مجلس نواب الشعب (البرلمان) في 30 مارس 2022.. كما قام بتعديل قانون الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. واستدعى هيئة الناخبين للاستفتاء على الدستور في 25 يوليو 2022. وقد صدر الدستور الجديد على الرغم من نسبة المشاركة المتدنية في الاستفتاء. ولم يتم إرساء المحكمة الدستورية.

وبالنسبة لذويهم المعتقلين، فإن المدعي الأول يزعم أن اعتقال والده راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة أكبر الأحزاب في الدولة المدعي عليها جرى بعد إدانته من طرف المحكمة الابتدائية في تونس في 15 مايو 2023 بتهمة تمجيد الإرهاب. وخكم عليه غيايبا بالسجن لمدة سنة وثلاث سنوات تحت الرقابة الإدارية وغرامة ألف (1000) دينار.

المُدّعية الثاني هي سعيدة العكرمي. زوجها المحامي نور الدين البحيري. ويُزعمُ أنه قد جرى "اختطافة [...] وإخفاؤه [...] في جهة مجهولة" بعد الهجوم عليه في منزله رفقة زوجته وأولاده. . ويُزعمُ أنّ الأمر الصادر بسجنه من طرف قاضي التحقيق عائد إلى تصريح المعني واتهامه بالعمل على تغيير نظام الحكم وذلك خلال تظاهرة سياسة لجبهة الخلاص الوطنية في 8 يناير 2023 في ضاحية منيهله بتونس العاصمة. ويُدّعى أنه مُتهم بالمطالبة بتغيير نظام الحكم.

المدعي الثالث يزعم أن والده غازي الشواشي قد تمّ إيقافه في 25 فبراير 2023 بعد اتهامه ب "تأسيس جمعية أشرار ضد أمن الدولة وبث معلومات كاذبة".

المدعي الرابع يزعُمُ أنّ التهمة الموجهة إلى والده سيّد الفرجاني ليست معروفة. وأنّ ما يتوفر من معلومات عنه هو أن له علاقة بشركة انستالينغو INSTALINGO المتهمة بالتجسس والتآمر على الدولة.

المدعي الخامس يزعم أن والده رضا بوزيان اختفى بعد المشاركة في مظاهرة ضد الحكومة في 14 يناير 2022. وبعد خمسة أيام اتضح أنه توفي في المستشفى متأثرا بجراحه بسسبب معاملة الشرطة.

ويضيفُ المدّعون أن الوقائع المبينة أعلاه جرت «على خلفية تصريحات رئيس الجمهورية التي وصف فيها الموقوفين بالإرهابيين وأدان القضاة الذين برأوهم بتهمة المشاركة معهم



الانتهاكات المزعومة

يزعم المُدّعون في صحيفة الدعوى الرئيسية انتهاك حقوق ذويهم المكفولة في المواد التالية:

المادة 1 من الميثاق والمادة 2 من العهد الخاص بالحقوق المدنية بسبب الانتهاكات المزعومة الأخرى و لمزاعم عدم إرساء المحكمة الدستورية وعدم استقلال السلطة القضائية وعدم التحقيق في وفاة رضا بوزيان أو معاقبة مرتكبي قتله.

المادة 2 من الميثاق والمادة 2 من العهد الخاص بالحقوق المدنية "لزعم الانتهاكات خلال اعتقال والتحقيق مع السياسيين ذوي المدعين الأول والثاني والثالث والرابع ووفاة والد المدعي الخامس والإخفاق في التحقيق وفاته وهو ما يدلُّ على ممارسة التمييز على أساس الرأي السياسي مما يتسبب في الحرمان من التمتع بالحق في الحقوق المضمونة في الميثاق"

المادة 4 من الميثاق والمادة 6 من العهد الخاص بالحقوق المدنية لكون " حق الحياة بالنسبة لرضا بوزيان قد جرى انتهاكه وحرمانه من هذا الحق تعسفا".

المادة 5 من الميثاق و 7 و 10 من العهد الخاص بالحقوق المدنية لأن " كرامة ذوي المدعين لم يتم احترامها ولكون الدولة المدعى عليها لم تحمهم على النحو المطلوب من التعذيب والمعاملة المهينة والقاسية".

المادة 6 من الميثاق والمادتين 14 و 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية لكون اعتقال ذوي المدعين " لم يجر بناء على مذكرة اعتقال بناء على أسباب اشتباه معقولة ولم يتم بيان سبب محتمل و دواع مسبقة".

المادة 7 من الميثاق والمادة 14 و 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية لعدم إرساء المحكمة الدستورية وعدم احترام استقلال السلطة القضائية وإعاقة الحق في الاتصال بالمحامين.

المادة 9 من الميثاق والمادة 19 من العهد الخاص بالحقوق المدنية لكون "الاعتقال والسجن والتحقيق والاتهام لذوي المعتقلين يعود إلى تصريحات سياسية".

المادة 10 من الميثاق والمادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لأن استهداف المعتقلين من ذوي المدعين من طرف الدولة المدعى عليها جرى بسبب عضويتهم في جبهة الخلاص الوطني أو الأحزاب ذات الصلة بها".

المادة 11 من الميثاق والمادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية بسبب قتل والد المدعي الخامس.

المادة 13 من الميثاق والمادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية بسبب التصديق على تشريعات مخالفة لدستور 2014 بما في ذلك المصادقة على دستور 2022 وانتهاك حق ذوي المدعين في المشاركة بحرية في إدارة الحكم في الدولة المدعى عليها..

المادة 16 من الميثاق والمادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية لكون الحرمان من الحق في الوصول إلى أطباء من اختيار المعتقلين "يحرمهم من التمتع بأفضل حالة ممكنة من الصحة البدنية والعقلية". و

المادة 26 من الميثاق لأن الخطوات التي قام بها رئيس الدولة المدعى عليها تقوض استقلالية المحاكم.



ملخص الإجراءات أمام المحكمة

في فاتح يونيو 2023 استلم قلمُ المحكمة الصحيفة الفاتحة للدعوى مصحوبة بعريضة طلب التدابير المؤقتة. وفي 2 يونيو أشعر القلم المدعين باستلام وتسجيل العريضة.

في 8 يونيو 2023 أحيلت الصحيفة إلى الدولة المدعى عليها مع منحها أجلا قدره عشرة (10) أيّام للرد على طلب إصدار أمر التدابير المؤقتة وثلاثين (30) يوما لتعيين ممثليها و تسعين (90) يوما للرد على موضوع العريضة.

في 27 يونيو 2023 طلبت الدولة المدعى عليها تمديد الأجل لإرسال ردّها على طلب التدابير الاستعجالية، وفي 28 يوليو 2023 أخبر القلمُ الدولة المدعى عليها بمنحها أجلا إضافيا من المحكمة قدره عشرة (10) أيام.

في 14 يوليو 2023 أودعت الدولة المدعى عليها ردها على طلب التدابير الاستعجالية وأحيل هذا الرد إلى المدعين للاطّلاع في نفس التاريخ.

في 9 أغسطس 2023 تسلّم قلم المحكمة تعقيب المدعي على ردّ الدولة المُدّعى عليها، وقد أحيل هذا الردُّ إلى الدولة المُدعى عليها للعلم في 23 أغسطس 2023.



طلبات الأطراف في الموضوع

يلتمس المدّعون من المحكمة:

أن تحكم باختصاصها للنظر في الدعوى؛

أن تحكم باستيفاء العريضة لشروط القبول؛

أن تحكم في الموضوع بانتهاك الدولة المدعى عليها لأحكام مواد الميثاق والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

الأمر بإخلاء سبيل ذوي المدعين.

أمر الدولة المدعى عليها مر بإلغاء كل الإدانات المترتبة على الإيقاف والسجن والمتابعة لأفراد عائلات المدعين.

أمر الدولة المدعى عليها بالتحقيق في وفاة السيد رضا بوزيان.

أمر الدولة المدعى عليها بتعويض المدعي الخامس وأفراد عائلات المدعين الأول والثاني والثالث والرابع عن الضرر المعنوي الذي لحق بهم بالمبالغ التي ترى المحكمة أنها مناسبة.

أمر الدولة المدعى عليها بتقديم ضمانات عدم التكرار بالنسبة لما ستلاحظه المحكمة من انتهاكات.

أمر الدولة المدعى عليها بدفع مصاريف الدعوى.



طلبت الدولةُ المُدّعى عليها في ردّها على طلب إصدار التدابير المؤقتة حفظ حقها في الإجابة على العريضة الفاتحة للدعوى كما رأت أن طلب التدابير الاستعجالية ليس له أساس في القانون أو في الواقع وأنه بكل بساطة يعكس فقط مزاعم ينبغي رفضها لعدم قيامها على أساس.



حول الاختصاص المبدئي للمحكمة

بخلاف طلب المدعين من المحكمة التصريح باختصاصها للنظر في الدعوى لم يٌقدم هؤلاء ملاحظات خاصة حول اختصاص المحكمة.

لم ترفع الدولة المُدّعى عليها ملاحظات حول اختصاص المحكمة.

***

جاء في المادة 3 (1) من البروتوكول ما يلي:

يمتدُّ اختصاص المحكمة ليغطي كافة القضايا والمنازعات التي تقدم إليها والتي تتعلق بتفسير وتطبيق الميثاق وهذا البروتوكول وأي صك آخر من صكوك حقوق الإنسان الأخرى التي صادقت عليها الدول المعنية.

ونصّت المادة 49(1) من النظام الداخلي على أن: « تقوم المحكمة ببحث مبدئي في اختصاصها (...) وفقا للميثاق، والبروتوكول وهذا النظام الداخلي.». وبالنسبة لطلبات التدابير المؤقتة، ووفقا لاجتهادها القضائي، ليست المحكمة مطالبة بفحص الاختصاص في موضوع صحيفة الدعوى ولكن فقط البتّ في اختصاصها المبدئي.5

وبالنسبة للقضية الماثلة تُذكر المحكمة أنّ الدولة المدعى عليها طرف في الميثاق وفي البروتوكول كما أنها أودعت الإعلان الذي تقبل بمقتضاه اختصاص المحكمة لتلقي صحائف الدعوى من الأفراد والمنظمات غير الحكومية. أضف إلى ذلك ما تُشير إليه الفقرة 2 أعلاه من هذا الأمر من أن الحقوق التي يزعم المدعون انتهاكها يحميها الميثاق والعهدان الدوليان الخاصان بالحقوق المدنية والحقوق الاقتصادية واللذين تعدُّ الدولة المدعى عليها طرفا فيهما.

ومن ثم، فإن للمحكمة الاختصاص من حيث المبدأ للنظر في طلب التدابير المؤقتة الماثل.



حول أوامر التدابير المؤقتة المطلوبة

طلب المدعون في صحيفة التدابير المؤقتة، أمر الدولة المدعى عليها بالأمرين الرئيسيين التاليين:

طلب التدابير الاستعجالية الأول

تمكين ذوي المدعين الأول والثاني والثالث والرابع من الحق في الوصول إلى محاميهم وأطبائهم الذين يختارون. منح ذوي المدعين الأول والثاني والثالث والرابع الحق في الوصول إلى المحامين والأطباء الذين يختارهم المدعون للحصول على المعلومات حول حالتهم وفقا لما يراه الموقوفون.

طلب التدابير الاستعجالية الثاني

توضيح الأسباب القانونية والوقائع المنسوبة إلى ذوي المدعين الأول والثاني والثالث والرابع والتي دعت إلى اعتقالهم، وإيقاف تنفيذ إدانة السيد الغنوشي الصادرة في 15 مايو 2023. وإطلاق سراح ذوي المدعين الأول والثاني والثالث والرابع وفقا لما تراه الدولة المدعى عليها ضرورياً ومتناسباً وطبقاً لتقدير محكمة الحال.

وتوضيحا للطلب الأول يؤكّدُ المُدّعُون ما يلي:

...يطلب المدعون الأول والثاني والثالث والرابع بشكل مستعجل السماح لهم بالوصول إلى المحامين والأطباء الذين يختارهم ذووهم المعتقلون من أجل الاطلاع على حالهم وعلى أنهم يتم التعامل معهم بالشكل المناسب الذي يستطيعون معه الدفاع عن أنفسهم، وعلى الأقل التقاضي أمام محكمة الحال بشكل فعّال. ويًضيفون أنّ هذه المسألة في غاية الخطورة لأنه إذا لم يكن المعتقلون في وضعية تسمح لهم بالدفاع عن أنفسهم أو لم يتمّ التعامل معهم بالشكل المناسبـ، فإنّ المُدّعين سيكونون مضطرين لاتخاذ إجراءات فورية لتصحيح الوضع بما في ذلك اتّخاذ خطوات فوريّة في إطار إجراءات التقاضي الجارية أمام محكمة الحال.

وفيما يتعلق بالطلب الثاني يُضيفُ المُدّعون مايلي:

في ظل الملابسات الحالية، فإنّ من الخطر داهم إذا ما ظلّ المُدّعون يفتقدون إلى المعلومات حول الأسس التي تمّ بناء عليها احتجاز ذويهم، فهذا يُعيق قدرة المُدعين على مساعدة المعتقلين ومن ثمّ التّصدي لسلوك الدولة المُدّعى عليها أمام محكمة الحال.

...

وكما هو مبين في صحيفة الدعوى فإنّ من الواضح أن احتجاز ذوي المدعين الأول والثاني والثالث والرابع لم يتم وفقا لمقتضيات الالتزامات المترتبة على الدولة المُدّعى عليها لحماية حقوق الإنسان. وبالنظر إلى أهميّة الحرية الشخصيّة وهشاشة عديد المحتجزين وعجز أو عدم رغبة الدولة المُدّعى عليها في حماية مصلحتهم وكرامتهم في المعتقل، كما تبيّن من حالة السيد فرجاني فإنّ ممّا لا يحتمل الانتظار الإفراج عن المعتقلين ولو في سياق ما تراه الدولة المُدّعى عليها من متطلبات قد ترى محكمة الحال أنها ضرورية ومتناسبة مع الحالة. إن الخطر داهم لأهمية الالتزامات التي لم يتم الوفاء بها ولضعف المعتقلين مثل السيدين الغنوشي والفرجاني.

*

فيما يتعلق بالأساس القانوني والوقائعي لاعتقال واحتجاز المدعين من الأول إلى الرابع، تشير الدولة المدعى عليها إلى أنه تم رفع عدة قضايا ضد المدعين أمام المحكمة الابتدائية بتونس ، القطب القضائي لمحاربة الإرهاب و محكمة سوسة الابتدائية. هذه القضايا استندت إلى النصوص القانونية النافذة بما في ذلك قانون العقوبات أو القانون الأساسي لمكافحة الإرهاب رقم 26 لسنة 2015 تاريخ 7/8/2015 والمعدل بالقانون الأساسي رقم 09 لسنة 2019 بتاريخ 23 / 01/2019. كما استندت بعض التهم إلى أحكام المرسوم رقم 54 لعام 2022 تاريخ 13/09/2022 ، وهي نصوص قانونية سارية في الدولة المدعى عليها. تشير الدولة المدعى عليها أيضًا إلى أن الجرائم المنسوبة إلى المدعين هي جرائم عادية تتم المقاضاة بشأنها أمام المحاكم العادية.



وفيما يتعلق بالادعاء بأن الأشخاص المحتجزين لم يُسمح لهم بالاتصال بمحاميهم وأن ظروف احتجازهم كانت غير متوافقة مع القانون ، تؤكد الدولة المدعى عليها أنه تمشياً مع المادة 13 من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن أسر المحتجزين وتم إبلاغهم باحتجاز المعتقلين وعرضهم على الفحص الطبي عند الضرورة تحت إشراف النائب العام. كما تم التأكيد على أن احتجاز المدعين كان مصرحًا به كتابةً وتبعه تحقيق. كما يشار إلى أن القضاة استجوبوا المتهمين أمام محاميهم بحسب محضر الاستجواب وسجلوا مرافعاتهم ودفوعهم الموضوعية. وعليه ، تؤكد الدولة المدعى عليها أنه سُمح للمحتجزين بزيارات دورية ومتواصلة من قبل محاميهم وفقاً لقوانينها.

وفيما يتعلق بظروف الاحتجاز، تؤكد الدولة المدعى عليها أن المعتقلين يتمتعون بظروف معيشية طبيعية في سجونها، مثلهم مثل غيرهم من السجناء أو المحتجزين الذين تتوفر لهم مرافق صحية مناسبة وغيرها من وسائل الراحة المقدمة لهم في غرف غير مزدحمة. كما يشير إلى أن المتقدمين يتمتعون بزيارات متساوية وغير تمييزية من قبل أقاربهم على أساس أسبوعي تحت إشراف قضائي.



***

تُشير المحكمة إلى أحكام المادة 27(2) من البروتوكول التي تنصُّ على ما يأتي:

في حالة الخطر الداهم والاستعجال وعندما يتبين أنه من الضروري لتفادي وقوع أضرار لايمكن جبرها على الأفراد، فإن المحكمة تأمر باتخاذ التدابير المؤقتة التي تراها ضورية.

تشير المحكمة أيضا إلى أن أحكام المادة 27(2) من البروتوكول مقتبسة في نصّ المادة 59(1) من النظام الداخلي التي تقول:

وفقا للمادة 27(2) من البروتوكول، للمحكمة، بناء على طلب أحد الأطراف أو من تلقاء نفسها، في حالة الخطر الشديد والداهم أو الاستعجال و لتفادي إلحاق ضرر يتعذر جبره بالأشخاص، الأمر بمثل هذه الإجراءات المؤقتة حسبما تراه ضروريا حتّى يتسنى لها الحكم في موضوع القضية.

تلاحظ المحكمة من الأحكام المذكورة أعلاه أنه يعود إلى تقديرها البت في كل قضية على حدة حول ما إذا كان السياق الخاص بالقضية يستدعي منها الأمر باتخاذ تدابير استعجالية أم لا.

تُذكِّر المحكمةُ بفقه قضائها المستقرّ أن الاستعجال مثل الخطر الداهم يعني وجود «خطر حقيقي وفوري واقع لامحالة قبل النطق بحكمها النهائي».6 كما تؤكِّدُ المحكمةُ أيضا أن الخطر المشار إليه يجب أن يكون فعليا، وأنّ ذلك يستبعد الخطر المجرّد الافتراضي ويشترط أيضا أن يكون الخطر جسيما يستدعي مجابهته الفعلية في الحال.7 وبالنسبة للضرر الذي لا يمكن جبره، فإن المحكمة ترى أنه يجب أن يوجد «احتمال معقول لحدوثه» في السياق والحالة الفردية للمدّعي. 8

تُنبّهٌ المحكمة إلى أن متطلبات الاستعجال والخطر الدّاهم والضرر الذي لا يمكن جبره، هي شروط تراكمية بحيث إذا افتقدت إحداها فإنّهٌ لا يمكن الأمر باتخاذ أوامر استعجالية.

لذلك تضع المحكمة في اعتبارها المبادئ المذكورة أعلاه عند النظر في طلبات إصدار أوامرالتدابير المؤقتة، وبشكل محدّدد الطابع الخاص للتدابير الاستعجالية من حيث أنها قواعد ذات صبغة وقائية لا يمكن تلبيتها إلا في حالة اكتمال كافة الشروط الضروريّة.9

وستنظر المحكمة في ما يلي في طلبات إصدار أمر التدابير المؤقتة وهي : (أ) حصول المعتقلين على خدمات محامين وأطباء من اختيارهم (ب)و توضيح الوقائع والأسباب القانونية التي أدت إلى اعتقال السجناء، وإطلاق سراحهم.



حول طلب الأمر بالسماح للمعتقلين والمُدّعين بالاتصال بمحامين وأطباء من اختيارهم

يطلب المُدّعون من المحكمة إصدار قرار استعجالي بالسماح لذويهم المعتقلين ولهم بالوصول إلى محامين وأطباء من اختيارهم للحصول على المعلومات حول حالتهم.

يرى المّدعون أن طلبهم عاجل وأن الظرف شديد الخطورة ويقتضي تمكين كل من المعتقلين وذويهم من التواصل مع المحامين والأطباء. ويُضيفون أن التُّهم التي قد توجه إلى المعتقلين خطيرة جدا وفقا لأحكام القانون الوطني للدولة المدعى عليها، إذ قد تصل عقوبتها إلى الإعدام. ويوضحون أن المعتقلين بحاجة إلى التواصل مع الأطباء الذين يختارون هم بأنفسهم ويختارهم ذووهم ليس فقط بسبب هشاشة وضعهم الصحي بل أيضا لأن حرمانهم من هذا الحق قد يؤدي بهم على وضعية لا تحمد عقباها. ووفقا للمُدّعين فإنه انطلاقا من فقه الاجتهاد القضائي لمحكمة الحال، فإن طلبهم هذا يستوفي شروط قبول إصدار أمر التدابير الاستعجالية.10

كما يرون أنّ هذا الطلب عاجل للاطمئنان على أنّ المعتقلين في وضع يُمكّنهم من حق الدفاع عن أنفسهم وأنّ معاملتهم حسنة بشكل يسمح لهم من الترافع خلال محاكمتهم. ويُردفون أنّ حرمان ذويهم المعتقلين من محامين يعني أنهم لا يساطيعون الدفاع عن أنفسهم. وفي ظل ّهذه الأوضاع، فإنّ الضّرر الذي قد يقع عليهم لايمكن جبره فيما بعد من خلال الدعوى الماثلة حتى لو أمرت المحكمة في حكمها بشأن موضوع الدعوى بإطلاق سراح المعتقلين لكون هؤلاء سيكونون آنذاك ذد أنهوا بالفعل فترة عقوبتهم في السجن.

*

ترى الدولة المدّعى عليها أن زعم منع ذوي المُدّعين من الاتّصال بمحاميهم وأنّ ظروف احتجازهم كانت خارج إطار القانون مردود عليه. وتُضيف أنّهٌ بالاطّلاع على محاضر الاحتفاظ ومحاضر الاستنطاق أنّهٌ تمّ احترام الإجراءات الشكلية والموضوعيّة التي نصّ عليها القانون ضمن أحكام المادة 13 مكرّر من مجلّة الإجراءات الجزائيّة وذلك بإعلام عائلة المحتفظ بهم وعرضهم على الفحص الطبي عند الاقتضاء. وأنّ ذلك جرى تحت رقابة النيابة العموميَة التي أذنت كتابيا بالاحتفاظ ثم قامت بفتح تحقيق وتولى القضاة استنطاق المتهمين بحضور محاميهم وفق ما هو مدّون بمحاضر الاستنطاق وتدوين مرافعاتهم وكلّ الدٌّفوع الشكليّة والموضوعيّة التي تمسّكوا بها.

وتُردفُ أنّ إحالة ملفات المعنيين على دائرة الاتّهام بوصفها درجة ثانية للتحقيق يضمنُ قيّام الدائرة بدورها الرقابي على احترام الإجراءات وضمان حقوق المتهمين وفق ما تنصّ عليها أحكام مجلّة الإجراءات الجزائيّة وأحكام قانون مكافحة الإرهاب بالنسبة لمن تمّت محاكمته على أساس ذلك القانون.

كما تزعمُ أنّهُ وخلافا لما يدعيه المُدّعون فإن الموقوفين يخظون بزيارة محاميهم بصفة دورية ومستمرة وذاك احتراما لحق السجين في مقابلة محامي تطبيقا لأحكام المادة 17 من القانون رقم 52 لسنة 2001 الصادر في 14 مايو 2001 المتعلق بنظام السجون وتكريسا لحق الدفاع. وأنه في إطار سعي الهيئة العامّة للسجون والإصلاح لتسهيل مهامّ المُحامين تمّ تدعيمّ فضاء مقابلة المحامين بسجن المرناقية بخمسة (5) مكاتب إضافية تدعيما لحق المُحامي في الزيّارة منذ شهر مارس 2023.

وترى الدولةُ المُدّعى عليها أن المعتقلين يتمتعون بظروف إقامة عاديّة في السجن على غرار غيرهم من السجناء أو الموقوفين. وأنهم يقيمون في غرف غير مكتظة تحتوي على جميع المرافق الصحية ويتمتعون بجميع الحقوق المخولة لهم قانونا. وأنهم يتمتعون بربط الصلة بعائلاتهم وزيارة ذويهم بصفة أسبوعين على قدم المساواة وعدم التمييز بين جميع المودعين وذلك تحت الرقابة القضائية.

***

تسجل المحكمة انطلاقا من الملف أن والد المُدّعي الأوّل رجل مُسنّ تجاوز الثمانين (80) سنة من العمر وأنه قد حُكم عليه بالسجن غيابيا. و تستخلص المحكمة من ذلك أن والد المُدّعي الأوذل يواجه ظروفا تنطوي على خطر حقيقي بالنسبة لصحته ووضعه القانوني وأن ضررا لا يمكن علاجه قد يلحق به.

كما تُلاحظ المحكمة أن ذوي المدعين الثاني والثالث والرابع قد تم إيداعهم في السجن بدون حكم قضائي وأنه لا تتوفر معلومات عن الإجراءات المتبعة في حقهم حسب المدعين. وأنهم يشتكون من اعتلال صحتهم ومن متابعتهم و الدفاع عن أنفسهم في سيّاق الإجراءات القانونية التي أدّت إلى حبسهم.

وتُفيدُ المعلومات في الملف والتي لم تعترض عليها الدولةُ المُدّعى عليها إلى استيفاء الحالة لشروط الخطر الداهم والاستعجال نظرا إلى أنّ الإجراءات المتّبعة لتوقيف واعتقال ذوي المعتقلين ليست واضحة فيما يتعلق بالإجراءات خاصة بالنسبة للتُّهم الموجهة إليهم.

تأسيسا على ذلك، تلاحظ المحكمة أن الخطر الذي يواجهه ذووا المُدّعين الأول والثاني والثالث والرابع واقعي وليس افتراضيّا لكونه يتعلق بصحتهم وحصولهم على خدمات المحامين لمساعدتهم في معتقلاتهم. في مثل هذه الملابسات، فإنهم قد لايمكن تلافي الضرر الذي قد يقع على ذوي المعتقلين الأربعة من خلال منح التعويضات لذويهم.

وتخلص المحكمة إلى الموافقة على طلب إصدار الأمر بالسماح للمحتجزين والمُدّعين بالتواصل مع الأطباء والمحامين الذين يختارون لمتابعة ملفاتهم القانونية والصحية والتواصل بحرية مع أسرهم.



حول طلب الأمر بتوضيح الأسباب القانونية والملابسات التي أدت إلى اعتقال ذوي المُدّعين وطلب إطلاق سراحهم

يطلب ذووا المدعين توضيح الأسباب القانونية والوقائع المنسوبة إلى أفراد عائلات المدعين الأول والثاني والثالث والرابع والتي دعت إلى سجنهم. ويلتمسون إصدار الأمر بإيقاف تنفيذ عقوبة السيد الغنوشي الصادرة في 15 مايو 2023. وإطلاق سراح ذوي المدعين الأول والثاني والثالث والرابع وفقا لما تراه الدولة المدعى عليها ضروريا من شروط. ويحتجّ المُدّعون أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يعترف بحقوق المعتقلين في إخطارهم بالتُّهم الموجهة إليهم وبيان الوقائع المشتبه بها في حقهم.ويُضيفون أنه من الخطير بالنسبة لذويهم المعتقلين البقاء في حالة من عدم اليقين حيال الأسس القانونية التي قام عليها اعتقالهم.

ويرى المدعون أنه يجب إيقاف عقوبة السيد الغنوشي التي ضدرت في يوم 15 مايو 2023 إلى حين صدور حكم محكمة الحال في القضية الماثلة لأنه من الظلم النطق بإدانة وعقوبة وتنفيذ الحكم في الوقت الذي تجري فيه مرافعات قضية الحال. ويُضيفون أن الخطر داهم بسبب نوع العقوبة الصادرة المتمثلة في السجن والغرامة إزاء رجل مُسن يعاني متاعب صحية. ويضرب المدعون أمثلة من فقه الاجتهاد القضائي لمحكمة الحال لدعم طلبهم.11

يُضيف المدعون أنهم يعتقدون أنه كما هو مبين في الصحيفة الفاتحة لدعوى فمن الواضح أن اعتقال ذويهم لم يجر وفقا للالتزامات الدولية المفروضة على الدولة المدعى عليها في مجال حقوق الإنسان. وأنه بالنظر إلى أهمية حرية الأفراد وهشاشة الوضع الصحي للمعتقلين وعدم انصياع الدولة المدعى عليها لمتطلبات احترام كرامة هؤلاء كما تجلّى إزاء المعتقل سيّد الفرجاني، فإن من الضّروري إطلاق سراح المعتقلين. ويرون أن الضرر الذي يلخق بهم لايمكن جبره.

ويمضي المُدّعون إلى القول إن الضرر الواقع على ذويهم لايمكن جبره بسبب استمرار اعتقالهم وظروفهم الصحية الصعبة وتأثير الحبس على حالتهم الصحية وحرمانهم من الحق في المشاركة في الحياة العامّة وفي حرية التعبير. وينتهون إلى القول إن السماح ببقاء ذويهم في المعتقلات يعني السماح للدولة المُدّعى عليها بملاحقة ذويهم.

*

بالمقابل، ترى الدولةُ المُدعي عليها أن الموقوفين يواجهون الاتهام في عدة قضايا موزعة بين محكمة تونس الابتدائية والقطب القضائي لمكافحة الإرهاب والمحكمة الابتدائية في سوسه 2.

وتُضيفّ الدولةُ المُدّعى عليها أنه بالاطلاع على القضايا التي يواجه ذووا المُدّعين، فإن الأسس القانونية التي يُستندُ إليها تقوم على حالة كل واحد منهم على حدة وفضيته. وقد استندت الأسس كلها على النصوص القانونية السارية سواء بالمجلة الجنائية أو بالقانون الأساسي المتعلق بمكافحة الإرهاب رقم 26 لسنة 2015 الصادر في 07 أغسطس 2015 والمنقح بالقانون الأساسي رقم 09 لسنة 2019 الصادر في 23 يناير 2019. وبعض التهم مؤسسة وفقا لأحكام المرسوم رقم 54 لسنة 2022 الصادر في 13 سبتمبر 2022 وهي نصوص قانونية نافذة في الدولة المًدّعى عليها وسابقة الوضع للجرائم المرتكبة. وقد مرت المتابعات بالأطوار الإجرائية من الضابطة العدليّة إلى النيّابة العمومية إلى قلم التحقيق فيما أحيلت بعض القضايا على دوائر الاتّهام. وأن الجرائم المنسوبة للمُتّهمين هي جرائم حق عام تتم فيها المتابعة أمام المحاكم العاديّة في الدولة المُدعى عليها.

***

تُذكّر المحكمة بموقفها الذي مؤداه أنها ليست مطالبة في هذه المرحلة بالنظر في موضوع مزاعم وقوع انتهاكات من المدعين على ذويهم الموقوفين، بل إنها مدعوة فقط إلى تحديد ما إذا كانت الملابسات الخاصة بهذه القضية تستدعي أمر الدولة المدعى عليها باتخاذ تدابير استعجالية.12

فيما يتعلّقُ بوالد المّدّعي الأوّل تُلاحظُ المحكمةُ أنّ المعني تم سجنه يوم 15 مايو 2013 إثر اتّهامه بتمجيد الإرهاب. وعليه، ترى المحكمةُ أنّهّ بالنسبة له فإنّ أسباب وملابسات سجنه واضحة. وفيما يتعلّقُ بالنظر في وجاهة أسباب وملابسات اعتقاله على ضوء التزامات الدولة المُدّعى عليها وفقا للميثاق، فإنّ المحكمة ترى أن هذه المسألة سيتمُّ النظرُ فيها خلال مرحلة الحكم في موضوع الدعوى الأصلية. وعليه، ترفضُ المحكمة طلب إلغاء إدانة والد المُدّعي الأول.

وبالنسبة لذوي المدعين الأربعة الآخرين، فإن المحكمة تلاحظ أنه لا تتوفر معلومات عن كيفية وظروف اعتقال هؤلاء، ولكن بالمقابل فإنه لا يبدو من الملف أنه تمت محاكمتهم أو توجيه الاتهام إليهم بشكل فعلي. كما تلاحظ المحكمة أن ذوي المدعين يزعمون تعرض صحة المعتقلين لمخاطر كبيرة وأن الوقائع المنسوبة لهم لم تتضح بعد. وبشكل أكثر تحديدا يشتكي المدعون من أنّ ذويهم تعرضوا في السجن لظروف قاسية غير إنسانية وعن وجود مؤشرات على تعرضهم للإهانة والإذلال.

ولنفس الأسباب المذكورة آنفا بالنسبة لوالد المدّعي الأوّل، فإنّ المحكمة لا تستطيع الأمر بإطلاق سراح المدعين الثلاثة الآخرين أي زوج المدّعية الثانية ووالدي المدعيين الثالث والرابع لأنّ ذلك يستبق ما قد تصل إليه المحكمة من خلاصات في موضوع الدعوى الرئيسية. بالمقابل، ونظرا لافتقاد المعلومات بالنسبة لاعتقال ذوي المّدّعين، فإنّ المحكمة تأمر الدّولة المُدّعى عليها بتقديم المعلومات الكاملة التي تُوضّحُ الأسباب التي أدّت إلى اعتقال ذوي المدّعين.

ولإجلاء الغموض، فإن المحكمة تُذكّرُ أن هذا الأمر ذو طابع مؤقت ولا يستبق بأي شكل من الأشكال الخلاصات التي قد تتوصل إليها المحكمة بالنسبة لاستيفاء متطلبات اختصاصها واستكمال شروط القبول وبالنسبة لموضوع ضحيفة الدعوى.



المنطوق

لهذه الأسباب؛

فإنّ المحكمة

بالإجماع.....،



تأمرالدّولة المُدّعى عليها باتخاذُ كافة الإجراءات التي تُعيق اتّصال المعتقلين الأربعة (4) وذويهم بمحاميهم وأطبائهم الذين يختارون؛

تأمرالدّولة المُدّعى عليها بتزويد المعتقلين الأربعة (4) ومحاميهم وذويهم بالمعلومات القانونية والوقائع المحدّدة المنسوبة إلى ذويهم الموقوفين والتي أدّت إلى اعتقالهم؛

ترفضّ الأمر بإطلاق سرح المعتقلين الأربعة (4)؛

تأمرالدولة المدّعى عليها برفع تقرير إليها حول الإجراءات التي تم اتخاذها لتنفيذ هذا الأمر وذلك خلال أجل قدره خمسة عشر (15) يوما ابتداء من تاريخ استلامه.



التوقيع:

إيماني د. عبود، الرئيسة؛



و روبرت إينو، رئيسُ قلم المحكمة.



حُرّر في آروشا في اليوم الثامن والعشرين من شهر أغسطس سنة ألفين وثلاث وعشرين باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، وللنص العربي الحجية.

1 أصبحت الدولة المدعى عليها طرفا في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 18 مارس 1969.

2 أصبحت الدولة المدعى عليها طرفا في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في 18 مارس 1969.

3 معاذ الخريجي الغنوشي هو نجل راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة، أكبر الأحزاب السياسية في الدولة المُدّعى عليها؛ سعيدة العكرمي هي عقيلة نور الدين البحيري، نائب رئيس حزب النهضة ووزير أسبق للعدل؛ إلياس الشواشي هو نجل غازي الشواشي أمين عام حزب التيار؛ سيف الدين الفرجاني هو نجل سيد الفرجاني عضو البرلمان والقيادي في حزب النهضة.

4 سيف الدين بوزيان هو نجل زعيم حزب النهضة "المعروف" رضا بوزيان

5 انظر Commission africaine des droits de l’homme et des peuples c. Grande Jamahiriya Arabe Libyenne populaire et socialiste (mesures provisoires) (25 mars 2011) 1 RJCA 18, §10 ; Komi Koutche c. République du Bénin (mesures provisoires) (2 décembre 2019) 3 RJCA 752, § 14 ; Ghati Mwita c. République-Unie de Tanzanie (mesures provisoires) (9 avril 2020) 4 RJCA 113, § 14 ; Symon Vuwa Kaunda et cinq (5) autres c. République du Malawi, CAfDHP, Requête n° 13/2021 Ordonnance (mesures provisoires), 11 juin 2021 § 11.

6 Sébastien Germain Marie Aîkoue Ajavon c. République du Bénin, Requête n° 062/2019, Ordonnance du 17avril 2020 (mesures provisoires) (2020) 4 RJCA 124, §61;

7 Ibid § 62.

8 Ibid § 63.

9 Ibid, § 60.

10 يضرب المدعون أمثلة من الاجتهاد القضائي لمحكمة الحال عندما أمرت الدولة المدعى عليها بإجراءات مشابهة في Commission africaine des droits de l'homme et des peuples c. Libye, Requête n° 002/2013, Ordonnance du 15 mars 2013(2013) 1 RJCA 149, et Lohé Issa Konaté c. Burkina Faso, Requête n° 004/2013, Ordonnance du 4 octobre 2013(2013) 1 RJCA 320 ; et Leon Mugesera c. Rwanda, Requête n° 021/2017, Ordonnance du 28 septembre 2017 (2017) 2 RJCA 155..

11 يستأنس المدعون بقرارات محكمة الحال التالي لدعم طلبهم: Laurent Gbagbo c. Côte d'Ivoire, Requête n° 025/2020, Ordonnance du 25 septembre 2020 (mesures provisoires) ; Sébastien Germain Ajavon c. République du Bénin, Requête n° 013/2017, Ordonnance du 7 décembre 2018 (mesures provisoires) et Sébastien Germaine Ajavon c. République du Bénin, Requête n° 027/2020, Ordonnance du 29 mars 2021 (mesures provisoires) et Sébastien Germain Ajavon c. République du Bénin, Requête n° 27/202, Ordonnance du 1er avril 2021 (mesures provisoires) et Gabi Khodey et Nabih Khodey c. République du Bénin, Requête n° 008/2020, Ordonnance du 28 février 2020 (mesures provisoires) ; Charles Kajoloweka c. République du Malawi, Requête n° 55/2019, ordonnance du 27 mars 2020 (mesures provisoires) ; Houngue Eric Noudehouenou c. République du Bénin, Requête n° 004/2020, Ordonnance du 6 mai 2020 (mesures provisoires) ; et Houngue Eric Noudehouenou c. République du Bénin, Requête n° 032/2020, Ordonnance du 22 novembre 2021 (mesures provisoires)

12 Sébastien Germain Marie Aîkoue Ajavon c. République du Bénin, Requête 027/2020, CAfDHP Ordonnance du 1er avril 2021 (mesures provisoires), §30 ; Adama Diarra dit Vieux Blen) c. Republique du Mali, Requête n° 47/2020, , CAfDHP Order of 29/03/2021 (mesures provisoires), § 23.

To the top